عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

 

٢   امْ هَبت الريْح مِنْ تلْقَاءِ كَاظِمَةٍ          وَاوْمَضَ الْبرقُ فِي الظَّلْمَاءِ مِنْ اضَمِ

      فترتيب قياسه هكذا: مزجك الدمعَ بالدم من اثار المحبة لان مزجك الدمع بالدم اما من تذكر الجيران واما من هبوب الريح من تلقاء كاظمة واما من ايماض البرق في الليلة الظلماء من اضم، وتذكر الجيران دال على اثار المحبة، وهبوب الريح من تلقاء كاظمة دال على اثار المحبة، وايماض البرق دال على اثار المحبة، يُنتج ان مزجك الدمع بالدم دال على اثار المحبة. ثم ان كلمة ½ام¼ متصلة او منقطعة، واكثر الشارحين رجحوا الاولى لان ½ام¼ المنقطعة هي الواقعة بين جملتين كل منهما مستقل بفائدة مستغن عن الاخر، وهاهنا ليس كذلك لان هذا البيت بمصراعَيه والبيت الاول كلام واحد علة لكون مزج الدمع بالدم من اثار المحبة كما عرفت، وليس كل واحد منها مستغنيا عن الاخر، واما ½ام¼ المتصلة فهي التي ما قبلها وما بعدها لا يستغني باحدهما عن الاخر، وهنا كذلك، ومن اختار المنقطعة قال: ان هذا البيت منقطع عما قبله كانه قيل: امن تذكر جيران مزجت، لا بل من هبوب الريح، وهي واحدة ½الرياح¼ يُذكَّر ويُؤَنَّث، و½الريح¼ من الروْح، وهو بمعنى: الذهَاب، سمي الريح ريحا لكونه رائحا دائما، و½من تلقاء¼ متعلق بـ½هبت¼، و½تلقاء¼ بمعنى: الجانب والجهة، كما في قوله تعالى: ﴿ تلۡقَآءَ مَدۡيَنَ ﴾ [القصص: ٢٢] و½كاظمة¼ اسم من اسماء المدينة نورها الله تعالى الى يوم القيامة، وهي اسم فاعل من ½الكظم¼، وهو تسكين الغضب كما في قوله تعالى: ﴿ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ ﴾ [ ال عمران: ١٣٤]، فاسناد ½الكاظمة¼ الى ½المدينة¼ مجازي مثل ½جرى النهر¼ لانّ المدينة غير كاظمة الغضب بل من خواصها ان من يسكن فيها يسكن غضبه، وقيل: المراد من ½الكاظمة¼ روضة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مجازا من ذكر العام وارادة الخاص، ثمّ المراد من هبوب الريح من جانب المدينة اما حقيقة؛ لانه اذا جاء الريح من جانب المحبوب يحرك حزن العاشق، ويُوْرث له البكاء، واما المراد منه لازمه اعني: وصول اثار المعشوق واخبار المحبوب لان الريح من لوازمها ايصال شيء كالرائحة او الكلا اليابس مثلا من مكان الى مكان اخر، فعلى هذا يكون مجازا مرسلا مركبا على القائلين به، ويكون حاصل المعنى: ام وصلت اليك الاخبار والاثار من


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310