عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٢٨   وَسَلْ حنَيْنا وَسَلْ بدرا وَسَلْ احدا        فُصُوْلَ حتفٍ لَهُمْ ادهٰى مِنَ الْوَخمِ

 

لَمَّا ذكر مواضع حروبه عليه السلام في قوله السابق: ½في كل مصطدم¼ بالابهام اراد بعض تفصيل من تلك الغزوات وذكر اسماء بعضها للتبرك به فقال: ½وسل حنينا... الخ¼، ½الواو¼ عاطفة، و½سل¼ امر كما سبق انفا. و½حنينا¼ بالنصب مفعول به لـ½سل¼ اي: اهل حنين من قبيل ½وَاسْئَلِ القَريَةَ¼، و½حنين¼ بضم الحاء وفتح النون، واد بين "مكة" و"الطائف"، وقد وقع فيه محاربة عظيمة بين الفريقين، وقصته انه لما فتح رسول الله عليه السلام مكة اقام بها خمس عشرة ليلة، فلما سمعت به هوازن، جمعها اميرهم مالك بن عوف النضرى فاجتمع عليه مع هوازن ثقيف وبنوا النضر وسعد بن ابي بكر وغيرهم وقصدوا حرب رسول الله عليه السلام فلما سمع به رسول الله عليه السلام امر الناس بالخروج الى حنين يوم السبت لست ليال خلت من شوال فخرج عشرة الاف من المسلمين الذين شهدوا فتح مكة وثلاثة الاف من غيرهم، فنظر رجل من المسلمين الى عسكر الاسلام، فقال اعجابا من كثرتهم: لن نغلب اليوم من القلة، فساءت تلك المقالة رسول الله عليه السلام، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَيَوۡمَ حنَيۡنٍ اذۡ اعۡجبتۡكُمۡ كَثۡرتكُمۡ﴾ [التوبة: ٢٥] ثم ساروا، ولايعلمون كون العدو مخبا عنهم، وكان الاعداء قد كمنوا في شعاب ظلمة الوادي، فحملوا على المسلمين بلا اخبار، فوقع ما وقع لكون عسكر الاسلام مغرورين بالكثرة وعدم قولهم: ان الله هو الناصر، فتفرق المسلمون، وبقي رسول الله وحده، وهو ثابت في مركزه ليس معه الا عمه العباس اخذا بلجام بغلته البيضاء، وابوبكر وعمر وعلي وخمسة من سائر الصحابة، ثم طفق رسول الله عليه الصلاة والسلام يركض بغلته نحو الكفّار، ويقول:

انا النَّبيُّ لا كَذب     انَا ابنُ عَبد الْمُطَّلِب

 ثم قال: يا رب اتني ما وعدتني من النصرة [1]  وقال للعباس: ادع الناس بالنداء، وكان العباس بليغ الصوت، فنادى الانصار وغيرهم، فاجتمعوا والتقى الفريقان، فانزل الله النصرة، ونزلت الملائكة عليهم، فنظر رسول الله الى الكفار فاخذ كفا من تراب فرماهم


 



[1]     تفسير أبي السعود،الجزالثاني،سورت توبه، آيت  ٢٥




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310