عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

افصح اهل وقته طلب المعارضة للقران، ونظم كلاما، وجعله مفصلا، وسماه سورا، فمر يوما على مكتب يقرا فيه صبي قوله تعالى: ﴿ يَٰٓارۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ اقۡلِعِي ﴾ الاية [هود: ٤٤]، فقال: ان هذا لايعارض ابدا، وما هو من كلام البشر، ومن تفحص كتب الانام في احاديثه عليه الصلاة والسلام وجد فيها كلاما كثيرا يناسب لهذا المقام.

 

٩٧      لَهَا مَعَانٍ كَمَوْج الْبحر فِيْ مَدد      وَفَوْقَ جوْهَرهِ فِي الْحسْنِ وَالْقِيَمِ

 

لَمَّا بيّن كون الفاظ القران في اعلى طبقات البلاغة والفصاحة توهم ان قائلا قال: هل كانت معانيه مناسبة لهذه الالفاظ الموصوفة بالبلاغة والمنعوتة بالفصاحة فقال: ½لها معان... الخ¼، ½لها¼ خبر مقدم، و½معان¼ مبتدا مؤخر، والتنوين للتكثير والتعظيم، والمراد من المعاني المقاصد وما تتضمن من الحقائق والفوائد. و½كموج البحر¼ ظرف مستقر صفة معان، و½الموج¼ مصدر ماج البحر بمعنى اضطرب، ويقال لكل فرقة ماء ارتفعت منه، وهو هاهنا كناية عن الكثرة وعدم النهاية و½في مدد¼ متعلق بالكاف في ½كموج¼ و½المدد¼ بفتحتين بمعنى النصرة والعون، فان كل موج في البحر يمد موجا اخر، وكذلك القران يفسر بعضه بعضا، ويمد بعضه بعضا، و½فوق¼ ظرف مرفوع المحلي بالعطف على الكاف فيكون صفة بعد صفة لايات. والتقدير وللايات معان كانت وثبتت فوق جوهره، و½الجوهر¼ قد مر غير مرة، والضمير للبحر، وجوهر البحر ما يستخرج منه من اللؤلؤ والمرجان، و½في الحسن¼ متعلق بالزيادة التي تضمنها لفظ فوق، و½القيم¼ بكسر القاف وفتح الياء جمع قيمة.

وحاصل المعنى: انّ الايات البيّنات لها معان كثيرة كموج البحر في الازدياد وعدم النفاد واحكام حسنة فوق جواهر البحر من اللؤلؤ والمرجان في الحسن والقيمة كما لايخفى على اهل العرفان لانّ الجواهر وان كانت في صفة عالية يوجد لها قيمة ولو كانت غالية بخلاف الايات ومعانيها وعجائبها ومحاسنها، ولذا قال بعض اهل الحال: لو ظهرت حقيقة معانيها لم تطق سطوات نورها السموات والارض ولذا قال الله تعالى: ﴿ لَوۡ انزلۡنَا هَٰذا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جبلٖ لَّرايۡتهُۥ خٰشِعٗا ﴾ الاية [الحشر: ٢١]، لكن الله تعالى ستر انوار تلك الحقيقة بكسوة صورة الحروف لتطيقها القلوب والالسن، فكما ان شرف الابدان انما


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310