عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

والسلام فيما رواه البخاري حبكَ الشَّيْءَ يُعْمِيْ وَيُصِم[1]، فاعلم انه يمكن ان يكون في هذا البيت قياس اقتراني ترتيبه هكذا: اني لم اسمع نصحك لاني محب، والمحب في صمم عن العذال، ينتج اني في صمم عن العذال، وكل من هو في صمم عن العذال لايسمع نصحك، ، ينتج اني لم اسمع نصحك، وصغرى القياس الاول مسلمة عند الخصم، ودليل كبراه الحديث السابق، وتقريره بان يقال: كل محب في صمم عن العذال لانّه لما قال صلى الله تعالى عليه وسلم: حبكَ الشَّيْءَ يُعْمِيْ وَيُصِم، وكان هذا الحديث خاص اللفظ عام المعنى كان كل محب في صمم عن العذال لكن المقدم حق والتالي مثله.

وخاصية هذا البيت: انك اذا كنت تخاف من شر احد او مكره فاكتب هذا البيت في كاغَد، ويكون الكاغَد دائرة، واجعلها على مقدم راسك تحت العمامة فانّك تكون باذن الله تعالى محفوظا من شره ومكره.

 

١٢      انِّي اتهَمْت نَصِيْح الشَّيْب فِيْ عَذلِيْ      وَالشَّيْب ابعَد فِيْ نُصْح عَنِ التهَمِ

 

ولمّا ورد المنع على دليل عدم سمعه نصيحة الناصح بانّه لا نسلّم ان عدم قبولك واستماعك النصح من كونك محبا لم لايجوز ان يكون من حملك نصيحة الناصح على الحسد والطمع اثبت دعواه السابقة بقوله: ½اني اتهمت ...الى اخره¼، فتقدير ½اني¼ لاني حذف الجار لكونه قياسيا، فهو في الحقيقة علة و½اتهمت¼ نفس متكلم من باب الافتعال بمعنى حملت على التهمة يقال: اتهمت فلانا بكذا اي: نسبته الى شيء يورثه العار، والتهمة اسم منه، وتاءه بدل من الواو اذ اصله وهمة كما في تخمة، و½نصيح الشيب¼ منصوب على انه مفعول لـ½اتهمت¼، و½النصيح¼ فعيل بمعنى الفاعل اي: الناصح مضاف الى الشيب، والاضافة اما من قبيل اضافة الصفة الى موصوفها اي: حملت الشيب الناصح على التهمة، واما من قبيل المشبه الى المشبه به اي: الذي هو كالناصح في الاخبار عن قرب الموت او ½النصيح¼ مصدر، فاضافته الى الشيب من اضافة المصدر الى فاعله،


 



[1]     "التاريخ الكبير"، الحديث: ١٨٥٣، ٢/٩٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310