عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٠٢   وَكَالصِّراطِ وَكَالْمِيْزانِ مَعْدلَةً        فَالْقِسْطُ مِنْ غَيْرهَا فِي النَّاسِ لَمْ يَقُمِ

 

ولَمَّا بيّن فوائد الايات وخواصها النافعة يوم العَرصات توهم ان يسئل ويقال: الم يك للقران فوائد نافعة في الدنيا كما كانت في الاخرة؟ فقال مجيبا ودافعا له: و½كالصراط... الخ¼، الواو عاطفة، و½كالصراط¼ معطوف على ½كانّها¼ يعني انّ القران العظيم مشبه بالصراط المستقيم في كونه موصلا الى المطلوبات، والصراط جسر ممدود على متن جهنم يعبره الاولون والاخرون من المؤمنين والكفار، والنبي عليه السلام قائم عليه قائلا: يارب سلم سلم، وهو ادق من الشعرة، واحد من السيف، والناس في جوازه متفاوتون، وروي انه يكون على بعض الناس ادق من الشعرة، وعلى بعض مثل الوادي الواسع بل بعض يمر عليه ولا يعلمه، وفي جعل الصراط مشبها به رد للمعتزلة حيث انكروا الصراط، وقالوا: بانّه لا يمكن العبور على مثل ذلك، فايجاده عبث، ولو امكن ففيه تعذيب للمؤمنين والانبياء، و رد بان العبور عليه ممكن، والانبياء والمؤمنون يمرون عليه من غير تعب، و½الميزان¼ عبارة عما يعرف به مقادير الاعمال، والعقل قاصر عن ادراك كيفيته قيل: توزن كتب الاعمال، وقيل: تجعل الحسنات اجساما نورانية والسيئات ظلمانية، وقيل: يوزن العبد مع عمله مرة بالخير ومرة بالشر. وقوله: ½معدلة¼ تمييز من الاضافة في ½كالميزان¼ لا في ½كالصراط¼ وهو مصدر ميمي او اسم الة. والمعنى: ان الايات تشبه الميزان من جهة كونه معدلة، ففيه رد للمعتزلة ايضا لانهم انكروا الميزان، وقالوا: لا فائدة له ولا غرض، ويجوز ان يكون المراد من الصراط والميزان، جنس الصراط والميزان، فوجه الشبه بالصراط هو العصمة عن الوقوع في المكروه، والتوصل به الى المطلوب، وبالميزان اقامة العدالة والتحاشي عن الظلم. وقوله: ½فالقسط¼ تفريع عن التشبيه الثاني اي: اذا كان القران كالميزان في العدالة فالقسط... الخ، و½القسط¼ من قسط يقسط كنصر ينصر بمعنى العدل، واما القسط بمعنى الجور فمن قسط يقسط كجلس يجلس، ولذا روي ان الحجاج دعا سعيد بن جبير، فجاء اليه، فقال الحجاج له: كيف تعلمني يا سعيد! قال: انك قاسط عادل فاستحسن اهل المجلس جواب سعيد فقال الحجاج: لا، لانّه اراد بقوله: ½انك قاسط¼ معنى انّك جائر وظالم كما في قوله تعالى: ﴿ وَامَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310