عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

من، وهو باطل كما تقرر في النحو، كذا قاله كلنبوي في "حاشية التهذيب"، ثم اعلم انه لما كان هذا البيت علة لما قبله امكن ان يرتب هاهنا قياس بان يقال: اني لم اسمع لومك ونصحك لاني اتهمت نصيح الشيب في عذلي مع ان الشيب ابعد في نصح عن التهم، وكل من شانه كذا فلا يسمع نصحك ولومك، ينتج اني لم اسمع لومك ونصحك، ويمكن ان يرتب بترتيب اخر احسن من الاول بان يقال: اني اتهمت نصيح الشيب في عذلي، والشيب ابعد في نصح عن التهم، ينتج من غير متعارف الشكل الاول اني اتهمت النصيح الابعد في نصح عن التهم، فنضم اليه الكبرى لينتج الدعوى بان يقال: وكل من اتهم النصيح الا بعُد في نصح عن المتهم لا يسمع لومك ونصحك، ينتج من المتعارف اني لم اسمع لومك ونصحك.

 

١٣      فَانَّ امَّارتيْ بالسُّوْءِ مَا اتعَظْت        مِنْ جهْلِهَا بنَذيْر الشَّيْب وَالْهَرمِ

­­­

لمّا فرغ من الكلام السابق الذي كان في العشق والهوى انتقل الى الكلام الذي هو في داء النفس ودوائها بانتقال حسن اذ جعل قوله: ½فان امّارتي ...الى اخره¼ علة لما سبق اي: لقوله: ½اني اتهمت... الى اخره¼، وبين العلة والمعلول مناسبة تامة كما لايخفى. فالفاء في ½فان¼ للتعليل، ويمكن ان يرتب هاهنا قياس من الشكل الاول بان يقال: اني اتهمت نصيح الشيب في عذلي لانّ نفسي الامارة بالسوء ما اتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم، وكل من شانه كذا يتهم نصيح الشيب في عذلي، ينتج اني اتهمت نصيح الشيب في عذلي، و½الامارة¼ مبالغة اسم الفاعل بمعنى الامر بالسوء مبالغة، واضافته الى ياء المتكلم للعهد اي: امارتي المعهودة، وهي النفس، ويجوز ان يكون من حذف الموصوف، وذكر الصفة، وارادته منها فان الامر بالسوء مبالغة صفة النفس بقرينة تخصيصه تعالى بالنفس في قوله حكاية عن يوسف عليه الصلاة والسلام: ﴿انَّ ٱلنَّفۡسَ لَامَّارةُۢ بٱلسُّوٓءِ ﴾ [يوسف: ٥٣] فيكون في هذا البيت صنعة تلميح الى هذه الاية. وقوله: ½بالسوء¼ صلة لـ½امارة¼ و½السوء¼ بالضمة اسم بمعنى الفتنة والعذاب والبلاء، وبالفتح مصدر يقال: ½رجل سوء¼ على طريق التوصيف بالمصدر للمبالغة مثل قولهم: ½رجل عدل¼: وقوله: ½ما اتعظت¼ ½ما¼ نافية، و½اتعظت¼ من الاتعاظ بمعنى قبول الوعظ، وجملته خبر ½ان¼


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310