عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

القران لا تنتهي غرائبه لجميع العلماء في جميع الازمان قال تعالى: ﴿ لَنَفِد ٱلۡبحۡر قَبۡلَ ان تنفَد كَلِمَٰت ربي وَلَوۡ جئۡنَا بمِثۡلِهِۦ مَددا ﴾ [الكهف: ١٠٩]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوۡ انَّمَا فِي ٱلۡارۡضِ مِن شَجرةٍ اقۡلَٰمٞ وَٱلۡبحۡر يَمُدهُۥ مِنۢ بعۡدهِۦ سَبۡعَةُ ابۡحرٖ مَّا نَفِدتۡ كَلِمَٰت ٱللَّهِۚ﴾ [لقمن: ٢٧]، قال بعض الحكماء: لكل اية سبعون معنى، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: انّ هذا القران ذو شجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه، ولا تبلغ غايته[1]، وكذلك انّ هذا القران لا يمل قارئه ولا يسام من تكرار تلاوته واستماعه، ولا يذهب رونقه وبهجته كما في كلام الخلائق بل كلما ازداد التكرار ازداد الحسن ولا تتغير حروفه بتكرار التلاوة والتدريس من العلماء والجهلاء والاعراب والاعجام بل يرد الخطا الى الصواب كما في حديث الجامع الصغير اذا قرا القاري فاخطا ولحن او كان اعجميا كتبه الملك كما نزل[2]، وفي معنى هذا البيت قول الشيخ ابي القاسم الشاطبي في وصف القران ولله در:

وَخيْر جلِيسٍ لا يُمَلُّ حديثهُ       وَتردادهُ يَزداد فِيهِ تجمُّلا

 

٩٩      قَرت بهَا عَيْنُ قَاريهَا فَقُلْت لَه       لَقَد ظَفِرت بحبلِ اللهِ فَاعْتصِمِ

 

لَمَّا بيّن في الابيات السابقة فضائل الايات اراد ان يبين بعضا من فواضلها السارية الى الغير فقال: ½قرت بها... الخ¼، ½قرت¼ فعل ماض من القرة بمعنى البرودة يقال: قرت عينه، تقر بالفتح والكسر قيل: هو كناية عند العرب عن الراحة لان بلادهم كانت حارة جدا فالراحة عندهم في البرودة، ولايخفى انه يكون على هذا في اسناد قرت الى العين برودة جدا، والاظهر انه كناية عن السرور، فان دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، ولذلك يقال: قرة العين للمحبوب، وسخنة العين للمكروه، ذكره القاضي وغيره من اهل التفسير في قوله تعالى: ﴿ وَقَري عَيۡنٗاۖ﴾ [مريم: ٢٦]، ويجوز ان يكون قرت بمعنى ثبتت وصارت عينه ذات قرار اي: مستقرة لا تميل الى الجوانب لطيب ما تنظر اليه، والباء في ½بها¼ للسببية، والضمير للايات، وفيه حذف مضاف اي: بقراءتها او بنظرها، و½العين¼


 



[1]     "الاتقان في علوم القران" فصل في معرفة شروط المفسر،٢/٥٦١

[2]     "الجامع الصغير"، حرف الهمزة، الحديث: ٧٩٢، صـ ٥٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310