عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

تفضيله على غيره قبل ان يعلم انه سيد ولد ادم، والرابع: ان نهيه عليه السلام كان على طريق التواضع وتحرزا عن العجب، والتفصيل في الكتب المطولة. ثم قوله: ½ولم يدانوه في علم ولا كرم¼ الواو استيناف كانه قيل: فهل فاق عليهم في اخلاق العلم والكرم مع كونهما اعظمها واشرفها، فقال مبالغة: ½ولم يدانوه¼ اي: لم تقاربه عليه السلام الانبياء عليهم السلام في العلم والكرم، ولا تتوهمن من ظاهر هذا الكلام انهم لا يعلمون، ويجوز عليهم اطلاق الجهل لانه يؤدي الى نسبة النقص والبله والغفلة اليهم عليهم السلام وانهم منزهون عنه، وعن الجهل فيما يلزم لهم، نعم! يجوز ان يقال: انّه عليه السلام كان اعلم منهم ببعض الامور كامور الاخرة واشراط الساعة واحوال السعداء والاشقياء وعلم ما كان وما يكون.

 ثمّ اعلم انّ بيان علمه ثابت بقوله تعالى: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تكُن تعۡلَمُۚ﴾ [النساء: ١١٣]، وبقوله عليه السلام: انا مدينة العلم[1] الحديث وغير ذلك، ثمّ ان تفوقه في الكرم ايضا ثابت بقوله تعالى على ما ذكره بعض المفسرين: ﴿ انَّهُۥ لَقَوۡلُ رسُولٖ كَريمٖ﴾ [الحاقة: ٤٠] وبقوله عليه السلام وانا اكرم ولد ادم ولا فخر[2] وسياتي بيان بعض ما وقع من كرمه عليه السلام، وهذا ثاني الابيات التي تمايل فيها النبي عليه السلام عند قرائة الناظم الفاهم في رؤياه عليه السلام فينبغي لقارئ هذه القصيدة ان يكرره عند قرائته لكن يلزم ان يكرره وترا.

 

٣٩      وَكُلُّهُمْ مِّنْ رسُوْلِ اللهِ مُلْتمِسٌ       غَرفًا مِّنَ الْبحر اوْ رشْفًا مِّنَ الديَمِ

 

لمَّا توهم ان يرد على البيت الاول شبهة المجاز او غيره اراد ان يدفعه فقال تاكيدا: ½وكلهم من رسول الله... الخ¼، ½الواو¼ اما للعطف او للابتداء لكن الثاني اولى كما لايخفى، ولفظة ½كل¼ ماخوذة من الاكليل الذي هو المحيط بجوانب الراس فلذلك توجب الاحاطة، وهو من الاسماء اللازمة الاضافة، ولهذا لا تدخل الا على الاسماء؛ اذ الاضافة من خصائص الاسم قال الاصوليون: ان لفظ كل اذا اضيف الى معرفة يوجب


 



[1]     "كنز العمال"، كتاب الفضائل، الباب الثالث، الحديث: ٣٢٨٨٧، ١١/٢٧٥.

[2]     "سنن الترمذي"، كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل النبي، الحديث: ٣٦٣٠، ٥/٣٥٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310