عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

بردته الشريفة، فشُفي بها، فسميت بردية، وامّا ما اشتهر بين النّاس من تسميتها بـ½القصيدة البريدة¼ فغلَطٌ صريح. ثمّ قال النّاظم الفاهم اقتداء بالكتاب الكريم وامتثالا لحديث النبي الفخيم وجريا على سُنَنِ السَّلَف:

بسم الله الرحمٰن الرحيم

      بحث البسمَلة مشهور بين ارباب الافادة والاستفادة، فلا حاجة لنا الى الاعادة، لكن يَرد انّ تركَ الناظم الفاهم الحمدلةَ والتصليةَ مع ورود الاثار في حقهما لا يخلو عن سوء ادب، ونجيب عنه بانه لا نسلم انه تركهما، كيف؟ وقد سُمع من بعض العرب ان الناظم الفاهم ذكرهما في بيت مستقل، وهو قوله:

 

الْحمْد للهِ مُنْشِي الْخلْقِ مِنْ عَدمِ             ثمَّ الصَّلاةُ عَلَى الْمُختار فِي الْقِدمِ

 

ولو سلم عدم ورود هذا البيت منه قدس سره فلِمَ لايجوز ان تكون الهمزة في ½امِن تذكُّر... الخ¼ اشارة الى لفظة الجلالة، ويشعر بالحمدلة كما هو المشهور بين ارباب التصوف، ولو سلم عدم جوازه، فلا نسلم انه ورد في حقهما اعني في كتابتهما حديث بل الحديث الوارد في حقهما يدل على الذكر اللساني، والناظم الفاهم وان لم يكتبهما لكن تلفظ بهما، ولو سلم فلا نسلم انه سوء ادب، كيف؟ وتركهما لهضم النفس كما وقع مثله من كبار العلماء. ثمّ اعلم ان الناظم الفاهم جعل قصيدته مرتبة على عشرة فصول، وذكر في الفصل الاول شدة حبه، وهوى قلبه، فقال مخاطِبا نفسه اي: ذاته على سبيل التجريد مستفهما عن بكائه الشديد وسائلا عن مُوجب مزج دموعه بالدم السائل فللّه در القائل:

 

١   امِنْ تذكُّر جيْرانٍ بذيْ سَلَمِ           مَزَجت دمْعًا جرٰى مِنْ مُقْلَةٍ بدمِ

 

الهمزة للاستفهام، و½من¼ متعلِّقة بـ½مزجت¼، وانّما قدم للحصر او للضرورة او لكونه علة لمزج الدمع بالدم، فقدم وضعا ليوافق الوضعُ الطبعَ، وامّا تقديم الهمزة فلِما تقرر من انّ الاستفهام انّما يدخل على المسئول عنه، والمسئول عنه هنا ليس مزج الدمع بالدم بل سبب المزج، وهو تذكر الجيران، ولانّها تقتضي الصدارة كما لايخفى. و½التذكر¼


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310