عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٤١   اذ قَلَّدانِيْ مَا تخشٰى عَوَاقِبه          كَانَّنِىْ بهِمَا هَديٌ مِنَ النَّعَمِ

 

لمّا كان مظنة ان يسئل عن مضمون البيت السابق من طلب العفو عن الذنوب الحاصلة من الشعر والخدم بانه هل حصل لك من الشعر والخدم ذنوب حتى تطلب العفو عنها قال: نعم ½اذ قلداني... الخ¼، فـ½اذ¼ للتعليل لطلب العفو. و½قلداني¼ على صيغة التثنية، وضمير التثنية راجع الى الشعر والخدم. و½قلد¼ من التقليد وهو ربط العنق قلادة ثم ان اسناد قلداني الى الشعر والخدم مجاز من قبيل الاسناد الى السبب، وفي ½قلد¼ استعارة تبعية بتشبيه لزوم الاثم بالقلادة في مطلق اللزوم وعدم الافتراق كما لايخفى. و½ما تخشى¼ منصوب محلا على انه مفعول ثان لـ½قلد¼ و½تخشى¼ على صيغة المجهول من الخشية بمعنى الخوف. و½عواقبه¼ بالرفع نائب فاعل لـ½تخشى¼ وهي جمع عاقبة، وضمير عواقبه راجع الى ما. والمراد بما تخشى عواقبه الاثام والاوزار الحاصلة بهما، و½كانّ¼ للتشبيه. و½بهما¼ ظرف مستقر حال من اسم ½كانّ¼، وضمير التثنية راجع الى الشعر والخدم. فان قلت: اللائق ان يفرد الضمير ويرجع الى ½ما¼؛ لانّ ½ما¼ كان كالقلادة دون الشعر والخدم قلت: انّ الشعر والخدم لما كانا سببين قويين في كون ما تخشى عواقبه قلادة ذكر السبب واراد المسبب كما لايخفى. و½هدي¼ بالرفع خبر ½ان¼ و½الهدي¼ بفتح الهاء وسكون الدال ما يهدى الى "مكة" للذبح فيها، ومن شانه ان يقلد بتعليق شيء في عنقه ليعلم انه هدي فلا يتعرض له بشيء. و½من النعم¼ بيان لـلهدي و½النعم¼ بفتح النون والعين هو الابل والبقر والغنم، ثمّ انّ في تشبيه نفسه بالهدى اشارة الى انّه متوجه في كل امر الى جناب الحق، وان فعل ما تخشى عواقبه من الاقبال على غير الله تعالى على مقتضى قوله تعالى: ﴿ فَايۡنَمَا توَلُّوا فَثمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة: ١١٥].

وحاصل معنى البيت: ان طلبي العفو من الله تعالى عن ذنوبي لازم؛ لانّه بسب الشعر والخدم المذمومين لزم على الاثام والاوزار ممّا تخشى عواقبه من انواع العقاب في عاقبة الدار فكانّني عينت للهلاك بسببهما كالهدي المقلد المعد للهلاك وان لم يتحول قلبي عن خالق الافلاك.

 


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310