عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٣٢   تهْديْ الَيْكَ ريَاح النَّصْر نَشْرهُمُ          فَتحسِب الزهْر فِيْ الاكْمَامِ كُلَّ كَمِي

 

ثمّ شرع في بيان كونهم منصورين في جميع الجهاد وان لم يكن كذلك في بعضه في عيون العباد فقال: ½تهدي اليك... الخ¼ ½تهدي¼ من اهدى يهدي بمعنى توصل او بمعنى ارسال الهدية. و½اليك¼ متعلق بـ½تهدي¼، والخطاب لكل احد، وجملة تهدي حال. و½رياح¼ بالرفع فاعل تهدي، وهي جمع ريح، والمراد من رياح النصر التاييدات بالنصرة كما في قوله عليه الصلاة والسلام نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور[1]، والمراد من الرياح الدولات كما في قوله:

اذا هَبت رياحك فاغْتنِمْهَا        فَعُقْبى كُلِّ عَاصِفَة سُكُوْنُ

واضافته الى النصر بمعنى النصرة مجازا اذ ورد ﴿ وَمَا ٱلنَّصۡر الَّا مِنۡ عِند ٱللَّهِۚ﴾ [الانفال: ١٠] و½نشرهم¼ بالنصب مفعول ½تهدي¼ والضمير راجع الى الصحابة، و½النشر¼ في الحقيقة بمعنى الرائحة الطيبة، والمراد به هنا اخبارهم الطيبة وانباءهم العجيبة، ففيه استعارة ومجاز كما لايخفى. و½الفاء¼ في ½فتحسب¼ للتفريع، و½تحسب¼ بصيغة الخطاب بمعنى ½تظن¼. و½الزهر¼ بالنصب مفعول ½تحسب¼ والالف واللام فيه للاستغراق بمعنى كل زهر، والزهر نورة النبات. و½في الاكمام¼ ظرف مستقر حال من الزهر او صفة له. و½الاكمام¼ جمع ايضا فيقتضي انقسام الاحاد الى الاحاد اي: كل واحد من الازهار في كل واحد من الاكمام، ومن جعل الاكمام جمع ½كم¼ بضم الكاف وجعل اللام فيه عوضا عن المضاف اليه اعني: رسول الله واعتبر القلب في البيت وقع في التكلف، ½كل كمي¼ بالنصب مفعول ثان لـ½تحسب¼ والكمي بمعنى الشجاع، وهو بتشديد الياء فعيل خفف للضرورة قال اكثر الشراح في البيت قلب اعني ان المفعول الثاني لتحسب، وهو قوله: ½كل كمي¼ مقدم على المفعول الاول اعني قوله: ½الزهر¼ في المعنى، فحينئذ يكون المعنى، فتحسب كل شجاع في درعه زهرا في اكمامه.


 



[1]     "صحيح البخاري"، كتاب الاستسقاء، باب قول النبي نصرت بالصبا، الحديث: ١٠٣٥، ١/٣٥٤.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310