عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

على صيغة اسم الفاعل بمعنى طالب السبق. وتنوينه للتكثير اي: لكل مستبق سواء كان نبيا او ملكا. و½من الدنو¼ اما متعلق بـ½لم تدع¼ او صفة ½شاوا¼. والمراد من الدنو، الدنو الى الله ومن الله، والمراد من دنوه تعالى نهاية القرب ولطف المحل وايضاح المعرفة والاشراف على الحقيقة اذ لا دنُوَّ للحق تعالى ولا بعْد له. و½لا مرقى¼ عطف على شاوا، وتكرير النفي للتاكيد و½المرقى¼ بفتح الميم وسكون الراء بمعنى المصعد و½المستنم¼ كالمستبق في التركيب، وهو على صيغة اسم الفاعل من ½استنم¼ بمعنى المرتفع، والمراد من المستنم هو جبريل الامين لانه مرتفع ومطمئن اي: متمكن لانه ذو قوة عند ذي العرش مكين. ففيه اشارة الى ما روي انّ جبريل عليه الصلاة والسلام لما صعد به عليه السلام حتى انتهى الى سدرة المنتهى، وهي شجرة اوراقها مثل اذان الفيلة في اصلها نهران ظاهران ونهران باطنان سال رسول الله جبريل عن هذا فقال له جبريل: اما الباطنان ففي الجنة، واما الظاهران فالنيل والفرات، [1] فبقي جبريل في ذلك المقام فقال: لو دنوت انملة لاحترقت. ولذا قال تعالى فيهم: ﴿ وَمَا مِنَّآ الَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ﴾ [الصافات: ١٦٤]، وكونه باقيا في "سدرة المنتهى" لكون علم الملائكة منتهيا اليها غير متجاوز عنها فالتجاوز عنها خاص بالنبي الجليل غير لائق بمن عداه من الملائكة وجبريل.

 

١١٢   خفَضْت كُلَّ مَقَامٍ بالاضَافَةِ اذ       نُوْديْت بالرفْعِ مِثلَ الْمُفْرد الْعَلَمِ

 

لمّا كان مضمون البيت السابق محل شبهة اراد ان يدفعها بتاكيد ذلك المضمون وتقرير ترقيه عليه الصلاة والسلام الى مرتبة لا مرتبة فوقها فقال: ½خفضت... الخ¼، ½خفضت¼ اما بدل من قوله: ½لم تدع¼ او جواب لـ½اذا¼، و½الخفض¼ حط رتبة وجعل شيء تحت شيء، ومنه الخفض في الاعراب، والمعنى جعلت في الاسفل وتركت فيه. و½كل مقام¼ بالنصب مفعول خفضت، و½المقام¼ بفتح الميم اسم مكان بمعنى محل القيام اي: كل مقام من مقامات الانبياء، فان قلت: ما الفرق بين المقام بفتح الميم والمقام بضم الميم


 



[1]     "صحيح مسلم"باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات، :٩٧ الحديث: ٢٥٩




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310