عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

وذكر الليلة الظلماء واريد بداية العشق، فعلى هذا يكون في ايماض البرق ايضا استعارة حيث شبه وصلة الحبيب ونهاية العشق بلمعان البرق في سرعة الذهاب، فكما ان لمعان البرق يذهب سريعا فكذلك الوصلة اذ تقرر في موضعه ان العاشق متى وصل معشوقه لا يَبقى في الدنيا بل يذهب سريعا، و½من اضم¼ متعلق بـ½اومض¼، و½اضم¼ بكسر الهمزة وفتح الضاد اسم جبل قريب من "المدينة"، وهو محله عليه السلام، اذ في اكثر اوقاته كان يسكن فيه، فهو اما على حقيقته، واما ان يراد به المحبوب من ذكر المحل وارادة الحالّ، وهو المناسب ان اريد بلمعان البرق ظهور نور النبي عليه السلام على وجه الاستعارة المصرحة بان شبه ظهور نور النبي عليه السلام بلمعان البرق في الاضاءة ورفع الظلمة ثم يستعار لمعان البرق لظهور نور النبي عليه السلام، وذكر المشبه به، واريد المشبه، فعلى هذا تكون الليلة الظلماء على حقيقتها، ويؤيد هذا المعنى ما روي: انه كلما دنا الحاج من "المدينة" ظهر منها نور النبي عليه السلام لبعض الخلصاء من الحجاج، والناظم الفاهم مِن اخلَص الخلصاء، فكيف لا يظهر له، وقال المصنف: يلزم لهبوب الريح وايماض البرق بعد مسافة المحبوب، ومن عادة البلغاء انّهم يجعلون بعد المسافة استعارة لبعد المرتبة وعلو المكان لعلو القدر كما قال:

 هِيَ الشَّمْسُ مَسْكَنُهَا في السَّمَاء

فَعَزِّ الْفُؤَاد عَزاءً جمِيْلا

فَلَنْ تسْتطِيْعَ الَيْهَا الصُّعُوْدا

 وَلَن   تسْتطِيْعَ   الَيْكَ النُّزُوْلا

 

 

٣   فَمَا لِعَيْنَيْكَ انْ قُلْت اكْفُفَا هَمَتا     وَمَا لِقَلْبكَ انْ قُلْت اسْتفِقْ يَهِمِ

 

فكانّه لمّا ورد المنع على صغرى القياس للناظم الفاهم من طرف الشخص المجرد من نفسه بان يقال لا نسلم ان امتزاج دمعي بالدم اما من تذكر الجيران او هبوب الريح او ايماض البرق لِمَ لايَجوْز ان يكون من سبب اخر من مرض اصاب الجسم او اصابة مصيبة، ترك الناظم ما وجب عليه من اثبات مقدمته الممنوعة وانتقل الى دليل اخر مثبت لكون مزجه بسبب العشق والمَحبة، فقال: ½فما لعينيك... الخ¼ اي: مزج الدمع بالدم من العشق والمحبة، ولو لم يكن مزجك الدمع بالدم من المحبة والهوى لَكُنْت مالكا


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310