عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١١٦   بشْرٰى لَنَا مَعْشَر الاسْلامِ انَّ لَنَا      مِنَ الْعِنَايَةِ ركْنا غَيْر مُنْهَدمِ

 

لمَّا بين من اول هذه القصة اللطيفة الى هنا ما يدل على افضليته عليه السلام واشرفيته من جميع الانام وعلو رتبته وسمو درجته وكونه نائلا النعم الكثيرة والاسرار والكلم الغفيرة وكان قائلا قال: هل اصاب شيء امته من تلك النعم؟ وهل طاب لهم ذلك العروج وكان في حقهم من الكرم؟: اجاب عنهم بالبشارة والسرور وبيان نعمة ما اصابهم من ذلك العبور فقال: ½بشرى لنا... الخ¼، ½بشرى¼ اما خبر مبتدا محذوف اي: هذه القصة بشرى، و½لنا¼ صفة او مبتدا اي: بشرى قد ثبتت، واما ½بشرى¼ مبتدا خبره ½لنا¼، فحينئذ يرد عليه ان ½بشرى¼ نكرة، والمبتدا لا تكون نكرة، ويجاب بانه مخصص؛ لانه موصوف بصفة محذوف اي: بشرى عظمى او بانه فاعل في المعنى اي: ما ثبت بشرى، ثم ان البشرى بمعنى المسرة والفرح، و½معشر¼ بالنصب على انه منادى او على الاختصاص كما في الحديث نحن معاشر الانبياء لا نورث[1] و½المعشر¼ بمعنى الجماعة قال في "كليات" ابي البقاء: كل جماعة امرهم واحد، فهو معشر، والتسمية بجماعة الاسلام خاص بهذه الامة؛ لان التسمية باسم المسلم من خصائصهم كما سياتي. وقوله: ½انّ¼ بكسر الهمزة تعليل للدعوى المستفادة مما سبق اي: البشارة مخصوصة لنا فترتيب قياسه هكذا البشارة خاصة لنا يا معشر الاسلام؛ لان لنا من العناية ركنا غير منهدم، وكل من شانه كذا فالبشارة خاصة له، فينتج المطلوب، و½لنا¼ ظرف مستقر مرفوع على انه خبر ½ان¼ واسمه قوله الاتي: ½ركنا¼ و½من العناية¼ ظرف مستقر منصوب على انه حال من ½ركنا¼ قدم على ذي الحال لكونه نكرة وجعله صفة لـ½ركنا¼ بعيد كل البعد كما لايخفى. والمراد من العناية مزيد الاعتناء بمصالحهم والكرامة عليهم، وهي العنايات الازلية التي تورث السعادة الابدية، وهي الخصائص التي لم توجد في سائر الامم منها: احلال الغنائم ولم تحل لامة قبلها، ومنها: انه جعل الارض لهم مسجدا، ومنها: انه جعل تراب الارض لهم طهورا، منها: الوضوء فانه لم يكن الا للانبياء دون اممهم، ومنها:


 



[1]     "كنز العمال"، كتاب الفضائل، الحديث: ٣٥٥٩٥، ١٢/٢٢٠، بألفاظ مختلفة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310