عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

وحاصل معنى البيت: ان جميع ما اتي الرسل والانبياء من خوارق العادات فانما اتصلت وحصلت تلك الايات الظاهرة والمعجزات الباهرة من اثر نوره الاصلي فمعجزات السابقين معجزة له كما ان كرامات اللاحقين كرامة له، فالسابقون واللاحقون انما هم في الحقيقة له نائبون كالمقدمة والساقة للامير، ومعنى البيت لا يظهر الا بنقل ما روى عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله الانصاري وهو انه قال: قلت: يارسول الله! بابي انت وامي اخبرني عن اول شيء خلق الله تعالى قبل الاشياء؟ قال: يا جابر ان الله تعالى خلق قبل الاشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا ارض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا انس، فلما اراد الله تعالى ان يخلق الخلق قسم ذلك النور اربعة اجزاء، فخلق من الجزء الاول: القلم، ومن الثاني: اللوح، ومن الثالث: العرش، ثم  قسم الجزء الرابع اربعة اجزاء، فخلق من الجزء الاول: حملة العرش، ومن الثاني: الكرسي، ومن الثالث: باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع اربعة اجزاء، فخلق من الاول: السموات، ومن الثاني: الارضين، ومن الثالث: الجنة، والنار، ثم قسم الرابع اربعة اجزاء فخلق من الاول: نور ابصار المؤمنين، ومن الثاني: نور قلوبهم، وهي المعرفة بالله، ومن الثالث: نور انفسهم، وهو التوحيد لا اله الا الله محمد رسول الله، فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون والروحانيون من الملائكة من نوري، وملائكة السمٰوٰت السبع من نوري، والجنة وما فيها من النعم من نوري، والشمس والقمر والكواكب من نوري، والعقل والقلم والتوحيد من نوري، وارواح الانبياء والرسل من نوري، والشهداء والسعداء من نوري، فاقام النور، وهو الجزء الرابع في كل حجاب الف سنة، وهو مقام العبودية، وهو حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرافة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين، فلما خرج النور من الحجب ركبه في الارض، فكان يضيء منه ما بين المشرق والمغرب كالسراج في الليل، ثم لما خلق الله تعالى ادم من الارض ركب فيه النور فوق جبينة ثم انتقل الى شيث[1] الحديث،


 



[1]     "مصنف عبد الرزاق"، كتاب الإيمان، باب في تخليق نور محمد، الحديث: ١٨٠، صـ ٦٣-٦٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310