عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

الناس لمات او زال عقله، واما الملائكة: فلكونهم في غاية الحسن والجمال حتى لو راهم على صورتهم الملكية احد لزال عقله او مات فلا تسع حوصلة الانسان رؤيتهما، ثم اعلم! انه روي ان الجن كانوا ثلاثة اصناف: صنف لهم اجنحة يطيرون في الهواء، وصنف في صورة الحيات والكلاب، وصنف يرحلون ويظعنون، وقالوا: وفي الجن ملل كثير مثل الانس، ففيهم اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الاصنام، وفي مسلميهم مبتدعة واهل الاهواء، وكلهم مكلفون. ½تهتف¼ اي: تصيح وتصوت وتتكلم بولادته عليه السلام؛ اذ روي ان في الهواء وارجاء مكة تسمع اصوات الجن يبشرون بولادته عليه السلام وفي "المواهب": مر في ذلك الوقت جن المشرق الى المغرب والمغرب الى المشرق يبشرون بولادته عليه السلام، ومن اراد بهتف الجن اخبارهم الكهنة باستراق السمع، فقد بعد عن المرام حيث اشير اليه في قوله: ½وبعد ما عاينوا في الافق¼، ولو اريد منه هاهنا ما سياتي لزم الاستدراك فتامل، فان قيل: ان قوله: ½الجن تهتف¼ جملة اسمية والجملة الاسمية تدل على الدوام فتقتضي ثبوت صوت الجن دوامه، وهو غير ثابت؟ اجيب عنه: بان هذه الجملة تدل على الدوام لان خبرها فعلية، وما يدل عليه ما كان له صرافة في الاسمية كما لايخفى. وقوله: ½والانوار ساطعة¼ بيان لعلامة اخرى، فالواو عاطفة والجملة معطوفة على سابقها، و½الانوار¼ جمع نور وهو جوهر مضيء كما مر و½ساطعة¼ من السطوع بمعنى الظهور، وهذه الجملة الاسمية تدل على الدوام والثبات، ففيه اشارة الى ان نوره عليه السلام باق الى يوم القيام، ويرى ذلك النور من في قلبه نور، وهذه الجملة اشارة الى ما روي في "المواهب" و"الشفاء" من انه روي عن امنة ام رسول الله عليه السلام انها قالت: لما ولدته عليه السلام خرج من رحمي نور اضاء له قصور الشام، قال في "اللطائف": وخروج هذا النور اشارة الى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به اهل الارض، وزال به ظلمة الشرك قال تعالى: ﴿ قَدۡ جآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتٰبٞ﴾ الاية [المائدة: ١٥]، واما اضاءة ذلك النور قصور الشام، فهو اشارة الى ما خص به الشام من النور بنبوته، فانها دار ملكه انتهى. ويجوز ان يكون المراد من ½الانوار¼ شرائعه عليه السلام على طريق الاستعارة بان يشبه شرائعه بالانوار في رفع الظلمات، والواو في ½والحق¼ اما عاطفة او حالية، و½الحق¼ ضد الباطل، ويجوز ان يكون المراد منه شانه


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310