عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

العلماء لم يفرق بينهما لكن فرق بعضهم بان المزج انما يقال لما كان بعد الاختلاط حقيقة واحدة كالحلو المطبوخ من العسل والدهن والدقيق، و½الخلط¼ اعم سواء كان بعد الاختلاط حقيقة واحدة كما في المزج او حقائق مختلفة كخلط الدراهم بالدنانير، فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل مزج خلط بدون العكس، فاختيار الناظم ½المزج¼ على ½الخلط¼ للمبالغة كما لايخفى. و½الدمع¼ ماء مالح يجري من العين عند الحزْن، وفرقوا بين بكاء الحزن وبكاء السرور بان الماء السائل من العين في السرور بارد وفي الحزن حار، و½الدمع¼ اسم جنس كتمر وتمرة ولم يقل ½دمعة¼ اما للاشارة الى ان الجاري من عينيه ليس واحدا بل هو كثير، واما للنظم. و½جرى¼ من الجري والجريان، وهو السَّيَلان، والجملة صفة ½دمع¼ لكنه وصف وقوعي لا احترازي كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا طَائِر يَطِير بجنَاحيْهِ[1][الانعام: ٣٨] و½من مقلة¼ متعلِّق بـ½جرى¼، و½المقلة¼ هي البياض والسَواد اللذان في داخل العين كما قال الشاعر:

 اذا مَا مُقْلَتىْ رمِدت فَكُحلِيْ          تراب مِن نِعَالِ ابيْ تراب

هُوَ الْبكَاءُ فِي الْمِحراب لَيْلا           هُوَ الضَّحاكُ فِيْ يَوْمِ الضِّراب

و½بدم¼ متعلق بـ½مزجت¼، والتنوينات في ½دمع¼ وفي ½مقلة¼ وفي ½دم¼ عوض عن المضاف اليه وهو كاف الخطاب، ثم ان مزج الدمع بالدم اما حقيقة كما يشعر به قوله الاتي: ½وَاثبت الْوَجد خطَّيْ عَبرةٍ وَ ضَنًى¼، واما كناية عن لازمه، وهو شدة الحزْن والالم. ثم اعلم ان الشخص المجرد من نفسه كانه لمّا ستر عشقه، وانكر محبته عملا بما في كتب التصوف من ان العشق كلما كتم في القلب ازداد كالمسك فانه كلما كان مستورا كان منشورا اثبته الناظم الفاهم في مقابلة الشخص المجرد من نفسه بقوله: ½مزجت... الخ¼ بترتيب قياس استثنائي ترتيبه هكذا: سلطان المحبة في مدينة قلبك، والا اي وان لم يكن سلطان المحبة في مدينة قلبك لَمَا مزجت الدمع بالدم، لكن التالي باطل والمقدم مثله، فثبت نقيضه، وهو ان سلطان المحبة في مدينة قلبك، ولمّا منع من جهة الشخص المجرد من نفسه ملازمة هذا القياس اثبته بقوله: ½امن تذكر¼ مع ما عطف عليه لانه علة له كما سبق وما عطف عليه قوله:

 


 



[1]     مثال الوصف الوقوعي. [علمية]




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310