عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

في الضلالة والطغيان فلا هادي لها الا الله الملك المنان نعم قد ورد ﴿ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَاد [الرعد: ٧] لكن وجود مثل هذا الشخص انما هو بمحض عناية الله تعالى وتوفيقه كيف وقد ال الامر في هذا الزمان الى ان من لم يكن مريدا قط يدعي الشيخوخة ويجيز بها لانتشار ذكره وشهرته وكثرة مريده، وقد جعلوا هذا الشان العظيم لعبة الصبيان وضحكة الشيطان حيث يتوارثونه، واذا مات واحد منهم يجلسون ابنه مقامه صغيرا كان او كبيرا، ويلبسونه الخرقة، ويتبركون به، وينزلونه منازل الشيوخ، فهذه مصيبة قد عمت، ولعل هذه الطريقة قد انمحت واندرست اثارها، والله اعلم باخبارها، ويجوز ان يكون استفهام للتمني والاستعطاف والاستغاثة بكل احد، ثمّ انّ قوله: ½لي¼ و½برد¼ ظرفان متعلقان بالمقدر اعني يتضمن او يتكفل، و½الرد¼ الصرف والمنع مصدر مضاف الى مفعوله، و½الجماح¼ جمع جموح هو من الخيل القوي الشديد الذي لا يضبط لشدة راسه، وعلى هذا فيه تشبيه واستعارة حيث شبه النفس بالخيل في صعوبة ضبطها وشدة امساكها واهلاك صاحبها، ثم استعير الخيل للنفس، ثم ذكر ما يدل على المشبه به، واريد المشبه، وهذه الاستعارة ماخوذة من لسان الشرع كما جاء في الحديث الشريف نفسك مطيتك فارفق بها[1]، وكما قال الامام الغزالي: انت باعتبار غضبك كلب، وباعتبار شهوتك بهيمة كالفرس، وباعتبار عقلك مَلِك، وانت مامور بالعدل بينهم والقيام بحقوقهم والاعانة لهم لتقبض بمعونتهم شرف الدارين وسعادتهما، فان روضت الفرس وادبت الكلب وسخرتهما للملك يتيسر لك الظفر بما طلبت، والا فانت هلكت، ويجوز ان يكون الجماح مصدرا بمعنى الشدة، فحينئذ يكون التنوين فيه عوضا عن المضاف اليه اي جماح نفسي، فيكون على حقيقته فتدبر. و½من غوايتها¼ متعلق بـ½رد¼، وقيل صفة جماح اي: جماح ناش من غوايتها، والغواية الضلالة، والضمير للنفس، وحذف في هذا المصراع الة رد النفس عن الضلالة، ولم يذكر كما في المصراع الثاني لضرورة الشعر، وهو وعظ المرشد ونفسه وهمته، وقوله: ½كما يرد¼ صفة مصدر محذوف اي، ردا مثل رد جماح، فـ½ما¼ مصدرية، وانما اتى بهذا التمثيل تسلية لقلبه لانه استصعب وجود ردها عن المعاصي فرده بانه يوجد لان له نظيرا و½الجماح¼ الثاني بكسر الجيم مصدر جمح


 



[1]     "تخريج. "الكسب" للامام محمد بن حسن الشيباني.١/٨٦ "المكتبة الشاملة"




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310