عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

من الشبع، فكثرة النوم المقتضية للكسل وقساوة القلب وغفلته وموته بطول الامل واطفاء نور اليقين وكثرة الشهوات وغير ذلك من الغفلات، ويحتمل ان يراد بالجوع الفقر مجازا لانه ملزوم الجوع، فعلى هذا يكون المراد من الدسائس المهالك، فان الفقر يلقي الانسان الى المهالك، ولذا استعاذ منه عليه الصلاة والسلام وقال في حديثه: كاد الفقر ان يكون كفرا[1]، وفي اخر: الفقراء سود الوجوه يوم القيامة[2]، وهي مثل السرقة وتغيير المذهب والملة كما قال الشاعر:

كمْ عالمٍ عالمٍ اعيت مذاهِبه          وجاهلٍ جاهلٍ تلقاهُ مَرزُوْقَا

هذا الذي ترك الاوهامَ حائرةً         وصيَّر العالم النحرير زِنْديْقَا

ويراد ايضا بالشبع الغنى، ويراد بالدسائس مهالك الغنى، وهي حب الدنيا مع انّه راس كلّ خطيئة وطول الامل والكسل عن الطاعة ونسيان الاخرة وقسوة القلب والكبر والعجب والحرص والطمع والبخل وغير ذلك، ويجوز ان يراد من الجوع الجهل، ومن الشبع العلم، ويجوز ايضا ان يراد من الجوع عدم العمل، ومن الشبع العمل، ويجوز ايضا ان يراد من الجوع السكوت، ومن الشبع الكلام، ويجوز ايضا ان يراد من الجوع سهر الليل، ومن الشبع نومه، ويجوز ايضا ان يراد من الجوع العزلة، ومن الشبع الخلطة، ويجوز ايضا ان يراد من الجوع العزوبة، ومن الشبع التزوج، ويكون في لفظي الجوع والشبع على هذه التقادير مجاز واستعارة، ويكون وجه الشبه في كل منها حلو الغذاء للنفس وحصوله، وتكون الدسائس عبارة عن مهالك كل منها كما لايخفى على اهل البصيرة وقوله: ½فرب مخمصة... الخ¼،الفاء للتعليل لانّه علة لدعوى مقدرة مفهومة ممّا سبق وهو ان الخشية دسائس الجوع لازمة كما لايخفى، و½رب¼ حرف جر لايدخل الا على النكرة، وهي للتقليل، وعند البعض للتكثير، وفي كلمة ½رب¼ لغات عديدة لانها قد تكون مشددة ومخففة، ويلحق اخرها التاء، وكلمة ½ما¼ والتاء مع ½ما¼ مخففا ومشددا، وبالجملة قال شيخ الاسلام زكريا الانصاري: في كلمة ½رب¼ سبعون لغة، وعدها في شرحه على القصيدة المنفرجة، وان اردت فارجع اليه، فان قلت: لم خص


 



[1]     "مشكاة المصابيح"، كتاب الآداب، باب ما ينهى عنه من التهاجر... إلخ، الحديث: ٥٠٥٠، ٣/٨٢.

[2]     لم نعثر عليه.[علمية]




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310