عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

احاطة الاجزاء، واذا اضيف الى نكرة يوجب احاطة الافراد، فيصح قول الرجل: كل التفاح حامض، اي جميع اجزائه ولا يصح كل تفاح حامض؛ لحلوا البعض منه. وضمير الجمع راجع  الى النبيين، و½من رسول الله¼ متعلق بـ½ملتمس¼ قدم للوزن وللحصر اي: منه دون غيره من الانبياء، فان قلت: لم اظهر في مقام الاضمار؟ قلت: للتنبيه على وصفه العظيم لان الرسالة صفة عظيمة في غاية العظمة لايقال: لا يستفاد من قوله: ½من رسول الله¼ ان الانبياء ملتمسون من نبينا عليه الصلاة والسلام؛ اذا الرسل على ما روي عنه عليه السلام ثلاث مئة وثلاثة عشر لانا نقول: المقام قرينة على ان المراد منه نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم، على انهم قالوا: كلما ذكر لفظ رسول الله في كتب هذه الامة فالمراد نبينا دون غيره، وله جواب اخر فتامل. وقوله: ½ملتمس¼ خبر المبتدا اعني: ½كلهم¼، والضمير فيه راجع الى الكل باعتبار لفظه، والا لوجب ان تكون العبارة ملتمسون، الفرق بين السؤال والالتماس والامر، ان طلب الادنى من الاعلى سوال ودعاء، وطلب المساوي من المساوي التماس، وطلب الاعلى من الادنى امر، وانما اختار الالتماس لرعايه الادب في حق الانبياء وقوله: ½غرفا من البحر ورشفا من الديم¼ ½غرفا¼ بالنصب مفعول ½ملتمس¼، و½الغرف¼ بفتح الغين المعجمة وسكون الراء اخذ الماء باليد ملئ الكف، و½من البحر¼ متعلق بـ½غرفا¼، والمراد من البحر اخلاقه عليه الصلاة والسلام، ففيه استعارة مصرحة حيث شبه اخلاقه الباطنية بالبحر في الكثرة والوفرة وعدم الاختلاط بشيء قليل، ثم استعير البحر لخلقه عليه السلام، فذكر البحر، واريد منه اخلاقه عليه السلام واثبات الغرف ترشيح لها وفي الترشيح ايضا استعارة بان يشبه اخلاق الانبياء بغرفة من البحر في القلة بالنسبة اليه عليه السلام فاستعير الغرفة لاخلاقهم عليهم السلام، فذكر الغرفة، واريد اخلاقهم، و½او¼ في ½او رشفا¼ بمعنى الواو الواصلة، و½الرشف¼ اخذ الماء بالفم اي: الجرعة من الماء و½من الديم¼ متعلق بـ½رشفا¼، ويجوز ان يكون كل من البحر ومن ديم حالا او صفة، و½الديم¼ جمع ديمة، وهو مطر ينزل بسكون بلا رعد ولا برق ويدوم، واقله ثلث النهار او ثلث الليل، واكثره يوم وليلة، والياء في لفظة ½ديمة¼ بدل من الواو لان اصله دومة من الدوام، فان قلت: لم خص الغرفَ بالبحر والرشفَ بالديم؟ قلت: للاشارة الى ان ماء البحر لا يشرب لكونه مرا بل يجوز استعماله للوضوء والغسل


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310