عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

اخذ الميثاق والعهد على كل من النبيين لئن بعث محمد عليه السلام، وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه كما سبق، فنبينا عليه السلام كان نبيا لجميع الانبياء تقديرا، واما بيان فضيلته عليه السلام على سائر الانبياء في الحسن والجمال والبهجة والكمال، فمستفاد من اشارة قوله تعالى: ﴿ وَٱلضُّحىٰ 1 وَٱلَّيۡلِ اذا سَجىٰ﴾ [الضحى: ٢،١] حيث استعير ½الضحى¼ من وجهه عليه السلام و½الليل¼ من صدغه عليه السلام، وكفاك شاهدا حديث انس انه قال: قال عليه السلام: ما بعث الله نبيا الا حسن الوجه وحسن الصوت وكان نبيكم احسنهم وجها واحسنهم صوتا[1] وقوله عليه السلام حين سئل عن حسن يوسف وحسنه عليه السلام انا املح[2] واما بيان فضيلته عليه السلام عليهم في الاخلاق المرضية فيكفيك قوله تعالى في شانه عليه السلام: ﴿ وَانَّكَ لَعَلَىٰ خلُقٍ عَظِيمٖ﴾ [القلم: ٤] حيث حصر الله تعالى الخلق العظيم فيه عليه السلام دون غيره، وقوله عليه السلام فيما رواه احمد ومالك في "المؤطا" بعثت لاتمم مكارم الاخلاق[3] وحيث اشار في هذا البيت الى ان الانبياء عليهم السلام كانوا موسومين بالاخلاق المرضية لكنه عليه السلام كان جامعا لجميع الاخلاق العلية ومشتملا على الاحوال السنية بحيث لا يتصور فوقه كمال، فان قلت: قد ورد النهي عن تفضيل بعض الانبياء على بعض وعن تفضيله عليه الصلاة والسلام على غيره من الانبياء حيث قال عليه السلام في حديث لاتفضلوا بين الانبياء[4] وفي حديث اخر لا تفضلوني على يونس ابن متى[5] فكيف يصح من الناظم الفاهم هذا البيت مع ما بعده؟ قلت: ان للعلماء في هذه الاحاديث تاويلات: الاول: ان لا يفضل بينهم تفضيلا يؤدي الى تنقيص بعضهم عن بعض الثاني: منع التفضيل في حق النبوة والرسالة فان الانبياء فيها على حد واحد؛ اذ هي شيء واحد لا تفاضل فيها وانما التفاضل بامور اخر زائدة عليها ولذلك منهم رسل ومنهم اولو العزم من الرسل، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بعۡضَ ٱلنَّبيِّ‍ۧنَ عَلَىٰ بعۡضٖۖ﴾ [الاسراء: ٥٥]، والثالث: انه عليه السلام نهى عن


 



[1]     "الشمائل المحمدية"، روي عن قتادة، باب ما جاء في قراءة رسول الله، الحديث: ٣٠٣، صـ ١٨٣.

[2]     "صحيح مسلم"، باب كان النبي أبيض مليح الوجه، الحديث: ٢٣٤٠، صـ ١٢٧٥.

[3]     "الموطأ" للإمام مالك، كتاب حسن الخلق، باب ما جاء في حسن الخلق، الحديث: ١٧٢٣، ٢/٤٠٤.

[4]     "صحيح مسلم"، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى، الحديث: ٢٣٧٣، صـ ١٢٩١.

[5]     "سبل الهدى والرشاد"، كتاب جماع أبواب أسمائه، الباب الثالث في ذكر ما وقفت عليه ...إلخ، صـ ٤٧٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310