عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

عليه السلام: من حلف بغير الله فقد اشرك[1]، رواه الترمذي والحاكم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه وعن ابن عباس لان احلف بالله فاثم خير من ان احلف بغير الله تعالى فابر[2] فكيف يجوز قسم الناظم النحرير بالقمر؟ قلت: الجواب عنه من وجوه: امّا اولا فبان يقال: في العبارة حذف مضاف اي: اقسمت برب القمر او خالقه كما قدره اكثر المفسرين في مثل قوله تعالى: ﴿ وَٱلشَّمۡسِ ﴾ [الشمس: ١] ﴿وَٱلضُّحىٰ ١ وَٱلَّيۡلِ ﴾ [الضحى:٢،١] وغير ذلك، واما ثانيا فبان يقال: ان هذا القول وان كان في صورة القسم لكن لم يكن المراد به القسم بغير الله تعالى، فان العرب اذا ارادوا تاكيد مضمون الكلام وترويجه واخبار صدقه يذكرونه في صورة القسم لانه اقوى من سائر المؤكدات واسلم، وليس الغرض به اليمين الشرعي، واما ثالثا فبان يقال: ان الحلف بغير اسم الله تعالى انما لايجوز في مذهب الحنفية، والناظم شافعي المذهب كما سبق، فيجوز الحلف بغير الله تعالى في مذهبهم، ثم ان القمر يطلق على الكوكب المنير بالليل بعد مضي ثلاث ليال، واما قبله فيقال له: الهلال. و½المنشق¼ بالكسر صفة القمر، وهو اسم مفعول من الانشقاق بمعنى الانصداع، وانشقاق القمر باشارته عليه الصلاة والسلام ثابت بالقران والاحاديث قال في "المشكاة" روي ان ابا جهل عليه اللعنة ومن تابعه لما عجزوا عن معارضة نبينا عليه الصلاة والسلام، وارتفعت يوما فيوما شمس شريعته، وجعل الناس يؤمنون به بعثوا الى حبيب ابن مالك امير الشام مكتوبا وكتبوا فيه اما بعد! ليعلم الملك انه قد ظهر بيننا رجل ساحر كذاب يدعي ربا واحدا ودينا جديدا، وانه يسب الهتنا وكلما قابلناه بالحجة غلب علينا، فاليوم ضعف دينك ودين ابائك، فالحق به قبل ان ينشر دينه، فركب حبيب بن مالك ومعه اثنا عشر "فارس"، ونزل بـ"الابطح"، وخرج لاستقباله ابو جهل وعظماء "مكة" بالهدايا، فاقعده حبيب، وساله عن احوال محمد، قال: ايها السيد سل بني هاشم، فسال منهم فقالوا: نعرفه بالصدق في صغره، ولما بلغ عمره اربعين سنة جعل يسب الهتنا ويظهر دينا غير دين ابائنا قال حبيب: احضروا محمدا طوعا ولو ابى فَكَرهًا فبعثوا اليه الحاجب فاتى اليه عليه الصلاة والسلام ابو بكر


 



[1]     "سنن الترمذي"، كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، الحديث: ١٥٤٠، ٣/١٨٥.

[2]     "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"، كتاب النذور والأيمان، الفصل الأول، الحديث: ٣٤٠٧، ٦/٥٧٩.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310