عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

للوجوه، والعصاة جمع عاص كالغزاة جمع غاز، والواو في ½وقد جاؤه¼ للحال، وضمير الجمع راجع الى العصاة، والمفعول راجع الى الحوض، والكاف للتشبيه، و½الحمم¼ بضم الحاء وفتح الميم جمع حممة كتهمة، وهي بمعنى الفحم، والفرق بينها وبين الفحم ان الفحم يقال: لما بقي بعد احتراق الحطب، والحممة لما بقي بعد احتراق الفحم، واما الحمة التي بكسر الحاء، فهي بمعنى الماء الحار الذي يخرج من الارض يستشفي به المعلولون والمرضى قال عليه السلام: العالم كالحمة يتجنب عنها القرباء ويتقرب اليها البعداء[1]. وفي البيت اشارة الى ما في الخبر من انّ بعض عصاة المؤمنين يدخلون النار، ويحترقون فيها قدر ذنوبهم، فيخرجون منها، فيلقون في نهر الحياة، وفي رواية: فيصب عليهم ماء الحياة، فيذهب السواد عنهم، ويظهر البياض، وهذا من فضل ربنا الفياض.

وحاصل معنى البيت: ان الايات البينات تشفع للعصاة يوم العرصات كما يشفي حوض نبينا للعصاة الخارجين من النار بتبييض وجوههم قبيل الدخول الى دار القرار وفيه اشارة الى قوله عليه السلام: القران شافع مشفع، ومَاحلٌ مصدق فان من جعله امامه اوصله الى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه الى النار[2] يعني ان القران شافع يوم القيامة لصاحب الكبيرة والصغيرة ورافع لدرجات من يتلوه ويعمل به وشاك بليغ مصدق في شكايته لمن يضيعه بعدم العمل وعدم القراءة والنسيان وعدم الترتيل، وعن الزهري: من شهد عليه القران بالتقصير فهو في النار، فان قيل: كيف يمكن شفاعة القران في القيامة لانه ان اريد بالقران الكلام النفسي فهو قائم به تعالى وكونه شافعا باذنه تعالى يقتضي المغايرة له، وهو باطل، وان اريد الكلام اللفظي فهو كالعرض في عدم البقاء، ولو سلم فلم يمكن انقلابه جوهر الامتناع انقلاب الحقائق؟ قلنا: اجيب عنه بانه تعالى يجعل القران اللفظي في ذلك اليوم جسما في صورة يراها الناس كالاعمال عند الميزان وانقلاب الحقائق ليس بباطل مطلقا بل الباطل منه انقلاب الواجب الى الممكن، والممكن الى الواجب فليتامل.

 

 

 


 



[1]     "روح البيان" سورة الواقعة آيت، ٦٥

[2]     "المعجم الكبير"، الحديث: ٨٦٥٥، ٩/١٣٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310