عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

فاعل او مفعول، ولا شك انّ نسبة المفعولية اتم من نسبة الفاعلية في المرام اذ يقال محمد حبيب الله، والله حبيب محمد، ولايقال: الله خليل ابراهيم مع جواز ابراهيم خليل الله لما فيه من ايهام ان يكون ماخوذا من الخلة التي هي الحاجة، والثاني: ان الخليل: يصل الى من اتخذه بالواسطة، والحبيب: يصل اليه بذاته بلا واسطة، والثالث: ان الخليل: الذي تكون مغفرته في حد الطمع كما قال ابراهيم عليه السلام: ﴿ وَٱلَّذيٓ اطۡمَعُ ان يَغۡفِر لِي خطِيٓ‍َٔتي ﴾ [الشعراء: ٨٢] والحبيب: هو الذي مغفرته في حد اليقين كما قال تعالى: ﴿لِّيَغۡفِر لَكَ ٱللَّهُ مَا تقَدمَ مِن ذنۢبكَ وَمَا تاخر ﴾ [الفتح: ٢]، والرابع: ان الخليل من اعطي بسؤال، والحبيب: هو الذي اعطي بلا سؤال، فالحبيبية بهذه المعاني المذكورة مقصورة على نبينا عليه السلام دون غيره من الانبياء فكيف سائر الناس، ويمكن الجواب بان يقال: ان حصر الحبيبية حقيقي لكن مع ما بعده اي: مع قوله: ½الذي ترجى شفاعته¼ لان الشفاعة العامة خاصة نبينا عليه السلام دون غيره، ولذا روي ان الامام الغزالي قال: كنت في ليلة خارج البلدة، واطلعت بالمكاشفة على انّ اهل تلك البلدة كلهم نائمون في ذلك الوقت ولم يكن احد منهم في عبادة ربه وطاعة خالقه، فقلت في نفسي: لو كنت قادرا على احراق اهل هذه البلدة لاحرقتها كلَّها لتركهم عبادةَ ربهم، ثمّ تامّلت انّ احراق العباد مختصّ بالله تعالى فندمت ورجعت عن هذا القول، فقلت: لو كنت شافعا لشفعت لهم كلهم عامة ثمّ تامّلت انّ الشفاعة العامّة مقصورة على نبيّنا عليه السلام فاذا جاء نداء من هاتفٍ يقول: يا شيخ لو لم ترجع عن هذا القول ايضا لانزلتك الى قعر الارض ومحوتك من دفاتر الاولياء، وقوله: ½الذي ترجى شفاعته¼ صفة ½الحبيب¼، و½ترجى¼ من الرجاء بمعنى: الطلب، قال بعض الفضلاء: الرجاء بالمد الطمع ويرادفه الامل، والفرق بينه وبين الرجاء بمعنى: الخوف بالاستعمال؛ اذ الاول: يستعمل في الايجاب والنفي كقوله تعالى: ﴿ وَترۡجونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجونَۗ﴾ [النساء: ١٠٤]، والثاني: في النفي فقط، فان قيل: ماالفرق بين الرجاء والتمنى قلت: قال ابن الجوزي: الرجاء الطمع فيما يمكن حصوله بخلاف التمنى، وقيل: الرجاء مختص بالطمع في الممكن والتمنى عام وهو على صيغة المبني للمفعول، وانّما ترك فاعله ليعلم انّ شفاعته عليه السلام يرجوها كلُّ احد من الانام، و½الشفاعة¼ هي طلب العفو والفضل من الغير الى الغير، وشفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام ثابتة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310